1- أن العقيدة إنما تثبت بالوحي (الكتاب والسنة) لا بعقول المخلوقين وآرائهم، ودين الإسلام إنما يقوم على الاتباع والاستسلام. فالمسلم يصدق ويوقن بخبر بمجرد أن يثبت لديه أن هذا من عند الله دون حاجة إلى جدل واقتناع عقلي.
والكافر -غالباً- هو جاحد معاند مهما جودل ورأى من البراهين. ((وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنْ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ))[الحجر:14-15].
ولهذا لم يكن الجدل هو وسيلة الدعوة -كما يظن المتكلمون- وإنما هو وسيلة لإقامة الحجة على المعاند.
2- إن الوحي مصدر معلوم معصوم، أما العقول فهي مع جهلها وقصورها عن معرفة حقائق الغيب مختلفة متناقضة، ولهذا لا يكاد الفلاسفة والمتكلمون يتفقون على شيء إلا ما هو متفق عليه بين جميع بني آدم الذين لا يعرفون فلسفة ولا كلاماً.
وهذا العلاف وصاحبه النظام وهما أول من ألف في علم الكلام وهما من فرقة واحدة كما سبق- يناقض كل منهما الآخر ويكفره.
ولهذا لما أراد الإمام أحمد أن يرد على جميع الفرق دفعة واحدة وأن يرد الأمة إلى المصدر الصحيح الوحيد ألف ( المسند ) وجمع فيه قرابة أربعين ألف حديث.
3- أن الكتاب والسنة يشتملان على الحجج والبراهين التي ليس بعدها حجة ولا برهان، وأكثر العقول قوة وكمالاً هي أكثرها فهماً لتلك الحجج والبراهين، واستنباطاً منها، وليس دين الإسلام مجرد أخبار مروية لا برهان فيها يتناقلها الناس على سبيل التقليد كما يظن المتكلمون!
وقد ناظر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصناف الكفار -من يهود ونصارى ومشركين- بالقرآن والسنة، فقهروهم وأفحموهم، وسار على ذلك علماء أهل السنة في سائر العصور، فأقاموا الحجة وقطعوا الخصم دون استعانة بمصدر آخر غير الكتاب والسنة وأقوال السلف .